حُقُوقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صفحة 1 من اصل 1
حُقُوقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية ،
وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية،
والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى،
المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
حُقُوقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سعيد بن وهف القحطاني
للنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثيرة منها :
أولا : الإيمان الصادق به صلّى الله عليه وسلّم وتصديقه فيما أتى به:
قال تعالى :
{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
التغابن 8
وقال تعالى :
{فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
الأعراف 158
وقال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
الحديد 28
وقال تعالى :
{وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}
الفتح 13
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ)
رواه مسلم
والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم هو :
تصديق نبوته , وأن الله أرسله للجن والإنس , وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله ,
ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بأنه رسول الله ,
فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان، ثم تطبيق ذلك العمل بما جاء به ؛
تمَّ الإيمان به صلّى الله عليه وسلّم .
ثانيًا : وجوب طاعته صلّى الله عليه وسلّم، والحذر من معصيته :
فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته ؛
لأن ذلك مما أتى به ,
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ}
الأنفال 20
وقال تعالى:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا...}
الحشر 7
وقال تعالى :
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
النور 63
وقال تعالى :
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 13
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٤}
سورة النساء
وعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ)
البخاري ومسلم
وعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى)
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى ؟
قَالَ : (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى)
البخاري
ثالثًا : اتباعه صلّى الله عليه وسلّم، واتخاذه قدوة في جميع الأمور، والاقتداء بهديه :
قال تعالى :
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
آل عمران 31
وقال تعالى :
{وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ... }
الأعراف 158
فيجب السير على هديه والتزام سنته، والحذر من مخالفته,
قال صلّى الله عليه وسلّم :
(مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)
البخاري ومسلم
رابعًا : محبته صلّى الله عليه وسلّم أكثر من الأهل والولد، والوالد، والناس أجمعين :
قال تعالى :
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}
التوبة 24
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)
البخاري ومسلم
وقد ثبت في الحديث أن من ثواب محبته الاجتماع معه في الجنة ،
وذلك عندما سأله رجل عن الساعة فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَا أَعْدَدْتَ لَهَا)
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلاةٍ وَلا صِيَامٍ وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
قَالَ: (فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)
البخاري ومسلم
ولما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ :'فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(الآنَ يَا عُمَرُ)
البخاري
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإِيمَانِ ؛
مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ،
وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ ،
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)
البخاري ومسلم
ولاشك أن من وفَّقه الله تعالى لذلك ذاق طعم الإيمان ووجد حلاوته,
فيستلذ الطاعة ويتحمل المشاقّ في رضى الله عز وجل، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم,
ولا يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛
لأنه رضي به رسولاً, وأحبه، ومن أحبه من قلبه صدقاً أطاعه صلّى الله عليه وسلّم؛
ولهذا قال القائل:
تعصي الإله وأنت تُظْهر حُبَّهُ ... هذا لعمري في القياسِ بديعُ
لو كان حُبَّكَ صادقاً لأطعتـــه ... إن المُحبَّ لمن يُحِبُّ مُطيـــعُ
وعلامات محبته صلّى الله عليه وسلّم تظهر في :
الاقتداء به صلّى الله عليه وسلّم,
واتباع سنته, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, والتأدب بآدابه,
في الشدة والرخاء, وفي العسر واليسر,
ولا شك أن من أحب شيئاً آثره, وآثر موافقته, وإلا لم يكن صادقاً في حبه ويكون مدّعياً.
ولا شك أن من علامات محبته :
النصيحة له ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الدِّينُ النَّصِيحَةُ)،
قُلْنَا : لِمَنْ ؟
قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)
مسلم.
والنصيحة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم :
التصديق بنبوته , وطاعته فيما أمر به , واجتناب ما نهى عنه ,
ومُؤازرته , ونصرته وحمايته حياً وميتاً ,
وإحياء سنته والعمل بها وتعلمها , وتعليمها والذب عنها , ونشرها ,
والتخلق بأخلاقه الكريمة , وآدابه الجميلة.
خامسًا : احترامه، وتوقيره، ونصرته :
كما قال تعالى :
{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ...}
الفتح 9
وقال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
الحجرات 1
وقال تعالى :
{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا...}
النور 63
وحرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته , وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه , وسنته, وسماع اسمه وسيرته, وتعلم سنته, والدعوة إليها, ونصرتها.
سادسًا : الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم :
قال الله تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
الأحزاب 56
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)
مسلم
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ)
أبوداود وأحمد
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)
الترمذي وأحمد
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ)
الترمذي وأحمد
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)
الترمذي وأحمد
من مواطن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم :
وللصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم مواطن كثيرة ،
ذكر منها الإمام ابن القيم رحمه لله في كتابه 'جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام' واحداً وأربعين موطناً،
منها على سبيل المثال :
الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المسجد , وعند الخروج منه ,
وبعد إجابة المؤذن , وعند الإقامة , وعند الدعاء , وفي التشهد في الصلاة ، وفي صلاة الجنازة ،
وفي الصباح والمساء ، وفي يوم الجمعة , وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم ,
وفي الخطب : كخطبتي صلاة الجمعة , وعند كتابة اسمه , وفي أثناء صلاة العيدين بين التكبيرات ,
وآخر دعاء القنوت , وعلى الصفا والمروة , وعند الوقوف على قبره ,
وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة , وعقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه ,
وغير ذلك من المواطن التي ذكرها رحمه الله في كتابه.
ولو لم يرد في فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا هذا الحديث لكفى ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ)
النسائي وأحمد
سابعًا : وجوب التحاكم إليه ، والرضي بحكمه صلّى الله عليه وسلّم :
قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}
النساء 59
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
النساء 65
ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم .
ثامنًا : إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير :
فهو عبد لله ورسوله , وهو أفضل الأنبياء والمرسلين ,
وهو سيد الأولين والآخرين ,
وهو صاحب المقام المحمود ، والحوض المورود ,
ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى :
{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ...}
الأنعام
وقال تعالى :
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
الأعراف 188
وقال تعالى :
{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ٢١ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٢}
الجن
وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من الأنبياء ، ولكن دينه باقٍ إلى يوم القيام :
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}
الزمر 30
وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له :
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ١٦٣}
الأنعام
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية ،
وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية،
والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى،
المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
حُقُوقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سعيد بن وهف القحطاني
للنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثيرة منها :
أولا : الإيمان الصادق به صلّى الله عليه وسلّم وتصديقه فيما أتى به:
قال تعالى :
{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
التغابن 8
وقال تعالى :
{فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
الأعراف 158
وقال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
الحديد 28
وقال تعالى :
{وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}
الفتح 13
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ)
رواه مسلم
والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم هو :
تصديق نبوته , وأن الله أرسله للجن والإنس , وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله ,
ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بأنه رسول الله ,
فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان، ثم تطبيق ذلك العمل بما جاء به ؛
تمَّ الإيمان به صلّى الله عليه وسلّم .
ثانيًا : وجوب طاعته صلّى الله عليه وسلّم، والحذر من معصيته :
فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته ؛
لأن ذلك مما أتى به ,
قال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ}
الأنفال 20
وقال تعالى:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا...}
الحشر 7
وقال تعالى :
{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
النور 63
وقال تعالى :
{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 13
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٤}
سورة النساء
وعَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ)
البخاري ومسلم
وعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى)
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى ؟
قَالَ : (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى)
البخاري
ثالثًا : اتباعه صلّى الله عليه وسلّم، واتخاذه قدوة في جميع الأمور، والاقتداء بهديه :
قال تعالى :
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
آل عمران 31
وقال تعالى :
{وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ... }
الأعراف 158
فيجب السير على هديه والتزام سنته، والحذر من مخالفته,
قال صلّى الله عليه وسلّم :
(مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)
البخاري ومسلم
رابعًا : محبته صلّى الله عليه وسلّم أكثر من الأهل والولد، والوالد، والناس أجمعين :
قال تعالى :
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}
التوبة 24
وعَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)
البخاري ومسلم
وقد ثبت في الحديث أن من ثواب محبته الاجتماع معه في الجنة ،
وذلك عندما سأله رجل عن الساعة فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَا أَعْدَدْتَ لَهَا)
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلاةٍ وَلا صِيَامٍ وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
قَالَ: (فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)
البخاري ومسلم
ولما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ :'فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(الآنَ يَا عُمَرُ)
البخاري
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإِيمَانِ ؛
مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ،
وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ ،
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)
البخاري ومسلم
ولاشك أن من وفَّقه الله تعالى لذلك ذاق طعم الإيمان ووجد حلاوته,
فيستلذ الطاعة ويتحمل المشاقّ في رضى الله عز وجل، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم,
ولا يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم؛
لأنه رضي به رسولاً, وأحبه، ومن أحبه من قلبه صدقاً أطاعه صلّى الله عليه وسلّم؛
ولهذا قال القائل:
تعصي الإله وأنت تُظْهر حُبَّهُ ... هذا لعمري في القياسِ بديعُ
لو كان حُبَّكَ صادقاً لأطعتـــه ... إن المُحبَّ لمن يُحِبُّ مُطيـــعُ
وعلامات محبته صلّى الله عليه وسلّم تظهر في :
الاقتداء به صلّى الله عليه وسلّم,
واتباع سنته, وامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, والتأدب بآدابه,
في الشدة والرخاء, وفي العسر واليسر,
ولا شك أن من أحب شيئاً آثره, وآثر موافقته, وإلا لم يكن صادقاً في حبه ويكون مدّعياً.
ولا شك أن من علامات محبته :
النصيحة له ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الدِّينُ النَّصِيحَةُ)،
قُلْنَا : لِمَنْ ؟
قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)
مسلم.
والنصيحة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم :
التصديق بنبوته , وطاعته فيما أمر به , واجتناب ما نهى عنه ,
ومُؤازرته , ونصرته وحمايته حياً وميتاً ,
وإحياء سنته والعمل بها وتعلمها , وتعليمها والذب عنها , ونشرها ,
والتخلق بأخلاقه الكريمة , وآدابه الجميلة.
خامسًا : احترامه، وتوقيره، ونصرته :
كما قال تعالى :
{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ...}
الفتح 9
وقال تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
الحجرات 1
وقال تعالى :
{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا...}
النور 63
وحرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته , وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه , وسنته, وسماع اسمه وسيرته, وتعلم سنته, والدعوة إليها, ونصرتها.
سادسًا : الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم :
قال الله تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
الأحزاب 56
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)
مسلم
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ)
أبوداود وأحمد
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)
الترمذي وأحمد
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ)
الترمذي وأحمد
وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ)
الترمذي وأحمد
من مواطن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم :
وللصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم مواطن كثيرة ،
ذكر منها الإمام ابن القيم رحمه لله في كتابه 'جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام' واحداً وأربعين موطناً،
منها على سبيل المثال :
الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المسجد , وعند الخروج منه ,
وبعد إجابة المؤذن , وعند الإقامة , وعند الدعاء , وفي التشهد في الصلاة ، وفي صلاة الجنازة ،
وفي الصباح والمساء ، وفي يوم الجمعة , وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم ,
وفي الخطب : كخطبتي صلاة الجمعة , وعند كتابة اسمه , وفي أثناء صلاة العيدين بين التكبيرات ,
وآخر دعاء القنوت , وعلى الصفا والمروة , وعند الوقوف على قبره ,
وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة , وعقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه ,
وغير ذلك من المواطن التي ذكرها رحمه الله في كتابه.
ولو لم يرد في فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا هذا الحديث لكفى ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ)
النسائي وأحمد
سابعًا : وجوب التحاكم إليه ، والرضي بحكمه صلّى الله عليه وسلّم :
قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}
النساء 59
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
النساء 65
ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم .
ثامنًا : إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير :
فهو عبد لله ورسوله , وهو أفضل الأنبياء والمرسلين ,
وهو سيد الأولين والآخرين ,
وهو صاحب المقام المحمود ، والحوض المورود ,
ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى :
{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ...}
الأنعام
وقال تعالى :
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
الأعراف 188
وقال تعالى :
{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ٢١ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٢}
الجن
وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من الأنبياء ، ولكن دينه باقٍ إلى يوم القيام :
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}
الزمر 30
وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له :
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٦٢ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ١٦٣}
الأنعام
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.
من كتاب :
وداع الرسول لأمته دروس، وصايا، وعبرٌ، وعظات
ميس- مشرفة احلي بنات
- عدد الرسائل : 123
الدولة : مصر
الشكر : 1
تاريخ التسجيل : 01/09/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس ديسمبر 19, 2013 12:31 pm من طرف ثورية
» كيف اتعامل مع خطيبى ؟؟؟تعالى اقولك
الخميس ديسمبر 19, 2013 12:19 pm من طرف ثورية
» فيلم انمي قصير رائع جدا اسمه Pigeon Impossible
الخميس أغسطس 22, 2013 5:46 pm من طرف امنية الاحلام
» تحميل كل اغاني احمد جمال في ارب ايدل mp3
الأحد يونيو 16, 2013 11:43 am من طرف marwa
» اول رابطه لعشاق احمد جمال نجم ارب ايدول
الأحد يونيو 16, 2013 11:30 am من طرف marwa
» احنا لازم نعمل حاجه بجد
السبت أكتوبر 20, 2012 2:07 pm من طرف امنية الاحلام
» عايزة ابقى مشرفة ف الصحة والجمال
الإثنين أكتوبر 15, 2012 1:02 pm من طرف امنية الاحلام
» بترمى قشر الباذنجان طب تعالى
الإثنين أكتوبر 15, 2012 12:59 pm من طرف امنية الاحلام
» برفانة امازون من اوريفلام ب 60 جنيه بدل 149 جنيه
الإثنين أكتوبر 15, 2012 11:35 am من طرف dodo